بقلم : حسن علي
ترجمة : يوسف عوض
من الدروس المستفادة والجوانب الاخلاقية والتربوية والتثقيفية حيث القيم والمعاني التي ينبغي الحفاظ عليها. لهذا السبب استعان
الإنسان منذ القديم برواية القصص لتوعية المجتمع وتخفيف ضغوطه الاجتماعية والنفسية. كما أن المصادر الدينية اعتمدت
قصص الأوائل من الصالحين اقتداء أو قصص السيئين ألخذ العبرة والموعظة. وكل مجتمع تنتشر بين أفراده القصص
.من هذا المنطلق يتناول المؤلف الحكايا التي تميزه عن غيره من المجتمعات وتمثل القصص جزءا من تراثه وذاكرته وتجاربه
الحكايات والقصص التي حدثت مع بعض رعاة الماشية المحليين في تدمر وباديتها الذين قضوا سنوات طويلة يجوبون السهوب
والصحاري. على سبيل المثال يروي السيد عامر عبد اللطيف – 43 عاما – أحد رعاة الأغنام من تدمر – بعض الحكايات التي نتجت عن أحداث واقعية حدثت مع رعاة محليين عاشوا في البادية التدمرية. يقول عامر: “القصص التي أرويها من المؤكد أنها تعود إلى ما قبل عام 2000 ميلادية قبل أن ينتشر الهاتف النقال بين سكان البادية.
إحدى هذه القصص حول ضياع فطيمة )األنثى الصغيرة من غنم العواس( من أحد رعاة الأغنام الشباب في البادية المجاورة لتدمر ومضى على فقدانها عدة سنوات. والأغنام عادة يتم جز صوفها كل عام ويجتمع مجموعة من شباب القبيلة ويسمون بالفريج )الفريق(ويذهبون إلى أحد المربين ليتموا أعمال جز الصوف لكامل قطيعه بيوم واحد بدل ان ينشغل مربي الأغنام عدة أيام عن المرعى وهو يجز أغنامه بمفرده، وبالمقابل صاحب القطيع يتوجب عليه أن يجهز وليمة طعام لفريق الشباب وأن يجلس أثناء عملهم يمدحهم ويغني لهم الاغاني والأهازيج كي يتحمسوا في العمل مثال يقول:
إخوات يلي ما تخفاهم بقة
حتى البرغوث يصيدونه
ازين يا نعجة القاصوص جازي
والعين ترقب والبطن جوعان
ياما الوليد كًبر الدخان
والعين ترقب والبطن جوعان ...
وكانت النساء تعد الطعام لهؤلاء الشباب الذين يجزون صوف غنمهم. وهذا الراعي الشاب صاحب الفطيمة عندما كان يجز الصوف بأغنام جيرانه الحظ صوف بعض الأغنام يشبه صوف أغنامه وقال ألصحاب القطيع إن هذا الصوف يشبه صوف نعجاتي وانا في السنة الفلانية أضعت إحدى نعاجي وبالفعل أصحاب القطيع لم يكذبوه وقالوا له: بالفعل لقد عثرنا على نعجة بنفس مواصفات نعجتك وفي نفس الفترة التي ذكرتها فقالوا له سنعطيك كل ما هو من سلالة نعجتك فصار يفحص صوف الاغنام ليعرف الأغنام التي ولدت من سلالة نعجته، ويخرجها واحدة تلو الأخرى ليأخذ كافة سلالة نعجته وعاد بها إلى منزله.
القصة التالية التي تحدث عنها السيد عامر تتحدث عن راعي إبل وزوجته وبناته السبعة ففي أحد الأيام حصل خالف بين هذا الراعي مع أقاربه بسبب الإبل فضاقت به أرض القبيلة مما دعاه لتوضيب خيمته ورحل مع عائلته وقطيعه ليعيشوا بعيدا عن ديارهم، وبعد 10 سنوات ماتت الأم وبعد ذلك بأربع سنوات مات الاب، وبقيت البنات بال عون وال سند. وألن من طباع أهل البادية: أن كل بدوي يعتز بقبيلته وأقاربه قررت الأخوات أن يبحثن عن قبيلتهن والعودة إلى ديارهن. فأقدمت الأخت الكبرى على قص ضفيرة شعر منها ومن كل واحدة من أخواتها وأحضرت جمال كبيرا يعود لوالدها وأزالت بقعة من وبره ليبدو عليه أنه أجرب ودهنت مكان حالقة الوبر بالقطران السائل )القطران كان يستخدمه البدو لعالج الجرب( وجوعت الجمل لعدة أيام ووضعت الضفائر داخل قطعة قماش تسمى “الشملة” و ربطت الشملة بحبل حول بطن الجمل ومشى الجمل بحثا عن الماء والكأ ، و كل ما ورد إلى مورد ماء يطرده أصحاب المكان ظنا منهم أنه مصاب بالجرب ولكي لا ينقل العدوة إلى قطعانهم وخلال ذلك تذكر الجمل الديار التي تربى بها التي تكون نفس ديار القبيلة التي يبحث عنها البنات فسار الجمل أيام وليالي عدة حتى وصل إلى دياره. وهذا الجمل يحمل وسما مماثل لوسوم هذه القبيلة. فعندما شاهد أهل القبيلة هذا الوسم على الجمل تركوها تشرب من الماء
حتى ارتوت وامتلأ بطن الجمل مما أدى إلى انقطاع الحبل فوقعت الشملة على الأرض ورآها أحد الشباب وأحضرها لكبار القبيلة الذين شاهدوا ضفائر البنات وتوقعوا أنها رسالة من أحد الأقارب لديه خطب ما. وبالفعل خرج أحد كبار القبيلة برفقة مجموعة من الشباب وتتبعوا الجمل الذي سيعود بالفطرة إلى مالكه حتى وصلوا إلى البنات. وعندما رأوا البنات سألوهن عن القصة فعرفوا انهن بنات عمهم ويتوجب عليهم إعادتهن إلى القبيلة ليعشن بين أهلهن وأقاربهن.