خلفية تاريخية حول غنم العواس

بقلم حسن علي

ترجمة : يوسف عوض

تنتشر سلالة غنم العواس في عموم بلدان الشرق الأوسط ففي تركيا مثلا تشكل 1,8% من عدد أغنام تركيا, و تقع منطقة إنتشارها في جنوب الأناضول في الشريط الحدودي في أنطاكيا (هاتاي) وجنوب ولايتي غازي عنتاب وأورفا على طول النطاق الرئيسي للسلالة في سوريا وتسمى في تركيا عواسي أو عربي أو نعيمي أو شامي نسبة إلى بلاد الشام (يالتشين، 1979), كذلك تنتشر على نطاق واسع في العراق وتعرف بالعواس نسبة لقبيلة العواس المنتشرة بين نهري دجلة والفرات وتتواجد في إيران في إقليم الأحواز، و يطلق عليها في إيران Ahwazi قريبة من تسمية العواس Awasi (Hinrichsen & Lukanc,1978 كما أنها تنتشر وبكثرة في شمال السعودية وتسمى بالنعيمي نسبة لقبيلة النعيم التي تنتشر في مناطق بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية ويعتبر أهم الأغنام والأكثر انتشارا في بلاد الشام خصوصا في سوريا وباديتها. التي تأقلمت مع الظروف البيئية للمنطقة بكافة أشكالها ويسمى في بلاد الشام بالبلدي وتعني المحلي كما تسمى بالعواس والنعيمي وأحيانا الديري نسبة لمدينة دير الزور شرق تدمر 200 كم

ولا يعرف لأغنام العواس موطن أقدم من بادية الشام والعراق حيث وجدت هذه الأغنام أو كما تسمى بالمصطلح العلمي الأغنام ذات الذيل السمين (بسبب الإلية الكبيرة البديلة عن الذيل التي تغطي المنطقة الخلفية) في منطقة العواسي(بلاد الشام والرافدين) منذ 5000 عام على الأقل.

وفي عهد قبيلة كلب بن وبرة القضاعي التي انتقلت للعيش في بادية الشام (تحديدا في تدمر ومحيطها) بعد هجرتها من اليمن مع باقي القبائل القضاعية . عرف عن بني كلب بكثرة أغنامهم حيث كانت مضرب مثل بكثرة أعدادها حتى أنها وردت في أحد النصوص الدينية الإسلامية عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ). وبعد أن سيطرت قبيلة النعيم على بادية الشام ومن ضمنها تدمر بعد قضائهم على نفوذ الكلبيين في القرن العاشر الميلادي ورثت عن الكلبين أغنامهم التي أصبحت تعرف بالعصر الحديث بالغنم النعيمي أو غنم العواس وغيرها من التسميات .

في عام 2003 صنفت سوريا كواحدة من أهم الدول المصدرة للأغنام في العالم، حيث يوجد في سورية حوالي 17,8 مليون رأس من الأغنام أكثر من 13 مليون منها من صنف العواس وفقا لإحصائية عام 2010 وقد أكد السيد محمد خير السبتي هذا الرقم من خلال مقابلة أجراها معه الباحث كما انعكست الزيادة في أعداد الأغنام على إنتاجية الأغنام حيث تساهم أغنام العواس بنسبة 78% و30% و100% من إجمالي إنتاج اللحوم الحمراء والحليب والصوف على التوالي. تتغذى أغنام العواس على المنتجات النباتية، حيث ترعى في حقول القمح والشعير غير المتطورة، وعلى بقايا المحاصيل مثل القمح والذرة. وعموما كان سعر لحم الضأن من سلالة العواس، الذي يزداد الطلب عليه في سوريا، أعلى بنحو 35% من سعر لحم البقر. ومن أجل تحسين الأغنام العواسية، قامت الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية في سوريا بإنشاء عدد قليل من المحطات المنتشرة في جميع أنحاء البلاد.

عرف للعواس ثلاثة أنواع مختلفة صنفت وفقا للون الوجه، وهي الشقرا ذات الوجه البني المحمر، والعبسة ذات الوجه الأسود، والبورشا ذات الوجه الرمادي.

ويتبع لغنم العواس هذه الأصناف من الأغنام:

١- صنف العواس وهي المحلية ويسمى أيضا البلدي او السوري: الموجود بسوريا والعراق والأردن وتعتمد في التربية على نظام التغذية الموسع وهي الأكثر انتشارا.

– صنف النعيمي: سمي بذلك نسبة لقبيلة النعيم وهو المنتشر بدول الخليج وخصص هذا النوع للتربية والاقتناء نظراً لجمالها وكبر حجمها ونعومة أصوافها.

٣- صنف عواس محسن لإنتاج الألبان: هذا الصنف تم تطويره في فلسطين المحتلة من قبل الكيان الإسرائيلي، كأفضل فئة منتجة للحليب في عائلة العواسي وهو أكبر حجما ووزنا وأكثر تميزا من العواسي العادي.

وفي تدمر كان ولازال التدمريون يمارسون تربية أغنام العواس رغم المخاطر التي يواجهونها بسبب الحرب الحالية. واستطاع التدمريين إستغلال منتجات غنم العواس منذ القديم بما فيها منتجات الحليب ومشغولات الصوف والجلود التي كانت تشكل تقليدا موروثا لدى التدمريين الذين كانوا يتوارثون المهن التي تتعلق بتربة أغنام العواس ومهن إنتاج مشتقات الحليب ومهنة غزل الصوف ونسجه بالأدوات اليدوية ومهنة دباغة الجلود وإنتاج الأحذية والحقائب الجلدية.

ساهمت البعثات الأثرية بشكل كبير في فهم المدينة القديمة وموروثها الثقافي. ومع ذلك، فقد تم إهمال المدينة الحديثة وباديتها ولا يوجد سوى عدد قليل من الدراسات غير الشاملة التي تتحدث عن الموروث الثقافي والطبيعي لهؤلاء السكان الذين ملكوا نوعا فريدا من التراث الطبيعي والذي هو غنم العواس.